حاول المشي مسرعاً ...تخبط قليلاً ...وأسرع الخطى مرة أخرى ....وكأنه يحاول الهروب من شيء ما ....من واقع ما ....وربما قدر ما ...
لحقت به مسرعاً ...أمسكت به مدركاً .... ألماً قد حل به متعباً.....حاول الهروب بعينيه عني رغم قربه مني .....
ولكني رغم محاولاته لمحت شيئاً في عينيه ....ربما بريقاً ما ...أو حتى رسالةً ما ....
فسارعته قائلاً هل هو أو هي ما أظنه..... نأى مرة أخرى بعينيه عني.....شككت بالأمر كثيراً ....
عهدته صديقي الواثق من نفسه ..... فاردفته قائلاً مرة أخرى ...عهدتك صديقي الذي لا تهزه الرياح العاتية....عهدتك صديقي الذي يصارع الجبال بكبريائه ......بل عهدتك صديقي الرجل الذي أفاخر به.....
صديقي ....أنا هو من عهدتني ....ولكنها لم تكن هي تلك التي عاهدتني .....لم تكن هي من صارحتني..... بل لم تكن هي من كانت هي .....
ربما كلامك صحيح ....بل هو أكثر من مريح يا صديقي ....فلماذا التعب يبدو عليك وقد أدركتها وعرفتها من هي.....فلقد تعرت الحقيقة أمامك ....ولا تنس أن الحياة أيضاً أمامك ..
صديقي آه يا صديقي ....ولكنها هي من قاربت البحر بصفائها ....هي من قاربت النجم بضيائها ....هي من قاربت الياسمين بعبيرها .... بل هي من قاربت حواء بحضورها...
نعم ربما صدقت يا صديقي ...ولكن لا تنس أبداً بأنها هي من بالتأكيد أيضاً قاربت الأرض بوفائها .... ومن قاربت أول نيسان بأكاذيبها ....ومن .....
قاطعني قائلاً ...كفاك أرجوك يا صديقي فليست هذه هي الذكرى ...التي أرغب بالاحتفاظ بها للمستقبل ....ولكنها بالتأكيد الحقيقة التي ستذكرني بها بالماضي .....
حدقت بعينيه مجدداً واستطعت الآن التمييز ....بل استطعت الإدراك ...هي دمعة قاربت على النزول من عيني صديقي .... بعد أن حفرت طريقاً صعباً عبر عينيه ......
فمددت يدي لأمسح دمعة صديقي الرجل .....ولكنه امسك يدي ومنعني من ذلك ....فقلت له لماذا يا صديقي فدمعك غالي علي ......
فجاوبني إنها ليست دمعة تلك التي حفرت في أعماقي قبل أن تحفر في عيني.....دعها تنزل أرجوك يا صديقي .... تلك الدمعة ليست بدمعة بل إنها "هي" ......
نعم هي التي سقطت الآن من عيني .... وأنا ما زلت كما عرفتني صديقك الرجل الذي لا ينحني أبداً ليلتقط ما سقط من عينيه ...........................